الشعر الإسلامي في الأعمال الكاملة لمحمد على السنوسي
الشاعر محمد بن على
السنوسي ـ شاعر الجنوب الخصيب ـ ولد في جازان سنة 1343 هـ وقد هيأ الله له الموهبة
وحسن النشأة ، وجمال الطبيعة ، في بيئة اجتماعية متميزة فتملك ناصية الشعر وغرد في
ألحان عذبة ، تردد صداها في ربوع بلاده وخارجها .
وقد عبَّر السنوسي
عن آلام أمته وأحلامها ، وشارك في أحزانها وأفراحها ، فكان شعره تعبيراً صادقاً عن
موطنه الذي نشأ فيه ، يهزك ببراعة التصوير ، وحرارة العاطفة ، وكأنه يغني للجنوب
الخصيب ، وإذا استعرضت شعره الوطني وفخره واعتزازه بوطنه مهبط الوحي ، تخيلت أنه
وقف عند هذه الغاية ، ولكنك إذا أمعنت النظر في أحداث الأمة العربية المعاصرة
ووقفت مع شعر السنوسي وصدق تصويره وحرارة انفعاله ، ربما غيرت رأيك وقلت إنه شاعر
العروبة ، وإذا تابعت السير بين ثمار أشعاره في أعماله التي تضم " القلائد
" و " الأغاريد " و " الأزاهير " و " الينابيع
" و " نفحات من الجنوب " هالك الكم الكبير من الشعر الإسلامي ، المعتمد
على التجربة وصفاء الروح ..
وهذه الاتجاهات لا
تتفاوت أو تتنافر لأن مردها إلى منهل واحد هو منهل الإسلام ، فالشاعر المسلم تفيض
عواطفه وأحاسيسه في غزله ومديحه ووصفه ورثائه ، وفي شعره الوطني والقومي بروح
المسلم العف المتشرب لروح الإسلام وأخلاقه وقيمه ، والإسلام دين الفطرة والسماحة
والسمو نحو المثل العليا ، وحب الخير والفضيلة والجمال .
ونقصر دراستنا على
اتجاه واحد في نتاج شاعر الجنوب محمد على السنوسي ، وهو الاتجاه الإسلامي .. والذي
يتأمل هذا الشعر يلمس فيه أدباً معبراً ناطقاً بمسحة الإيمان التي تظلله ، وروح
اليقين التي انعكست صورتها على نفس الشاعر فأخرجت تلك الثمار اليانعة والظلال
الوارفة ، في نظام من الشعر العذب الذي أحبته نفسه منذ الصغر ، " فوالده من
الشعراء وشيخ شعراء جازان ، مكيّ المولد والمنشأ ، جازاني الاستيطان والبروز ،
تولى منصب القضاء في الجنوب قبل الحكم السعودي وبعده .. " ([1])
.
ومع ذلك فقد أخذ
الشاعر نفسه بالقراءة والمطالعة لتنمية موهبته الشعرية ، وبدأ في قراءة آثار
الشعراء من أمثال شوقي ، وحافظ ، وعلى محمود طه ، وإبراهيم ناجي ، وكل شاعر عربي
جيد ، وكانت النتيجة ولوجه في دنيا الشعر في سن مبكرة .
ومن القصائد التي
تضم الشعر الإسلامي في الأعمال الكاملة للشاعر قصائد " أم القرى " و
" هي الجزيرة " و " ليلة القدر " و " خلق المسلم "
و " رمضان " و " اليوم الخالد يوم عرفه " و " الرسالة
والرسول " و " ثاني اثنين " و " دعوة الحق " و " آذان الفجر " و
" التضامن الإسلامي " و " أخي المسلم " و " طيبة "
وغيرها . وكل قصيدة من هذه القصائد يمكن أن تكون محل دراسة تكشف عن صورها الجمالية
وقيمتها الفنية . ولكن المجال لا يسمح إلا بالإشارة أو التلميح والكشف عن بعض
الصور الفنية والجمالية ..
ففي قصيدة "
أم القرى " التي استلهمها الشاعر من وحي المؤتمر الإسلامي يقول ([2])
:
نورٌ
على " البطحاء " لماح الذرى يهدي القرون ضياؤه والأعصرا
آنستُ فيه سنا من القََبسِ الــذي "
موسى " تشوفه هدى " وتنورا "
ينصاح
من فلك الرسالة " فجـره " ويشع من فلق " النبوة "
نيّــرا
والصور البيانية
المجسمة بخيال الشاعر ، واختيار الكلمات ذات الإيحاء والمدلول ، تبدو واضحه في هذا
المطلع القوي ثم يتحدث عن سمو الإسلام ، وحرصه على الأخوة وجمع كلمة الأمة في رحاب
العقيدة :
في
" دعوة " كالشمس ساطعة السنا تهدي
الضليل وترشد المتحيّرا
الفضل للأعمال في دستــورها لا للمناصب والمناسب والثرا
وإذا
البرية تحت ظل لوائـــها إسلامها
القربى وتقواها العرى
أمم
تؤلفها " العقيدة " نسبــــة ومن
العقيدة ما يفوق العُنْصرا
ويشير الشاعر إلى
بيئته ووطنه الذي ألهم الإنسانية ، وعلمها حيث خرجت منه رسالة محمد ـ صلى الله
عليه وسلم ـ
أرض
التجرد والتعبد والهــدى والفيض
والنفحات في دنيا الورى
هتفتْ بأعماقي الهواتف والصدى عذب من الأنغام قدسي السُّــرى
والشاعر ينطلق في
شعره متخلصا من كل القيود إلا قيد العروبة والإسلام ، لأن الإسلام أعز العروبة ،
وإذا فطر الشاعر بفطرة الإسلام ، ورسخت العقيدة في نفسه ، اتخذ من شعره وسيلة
للدعوة إلى هذه العقيدة :
أملقتُ
من أدبي إذا هو لم يكــن شعلا تنير
صوى الطريق لمن سرى
وبرئتُ من قلمي إذا هو لم يكـن فننا بأحلام العروبة مثمـــــرا
غرس
نضجتُ عليه فيضاً من دم حر يؤجِّجه
الشعور تأثُـــــرا
وفي قصيدة "
هي الجزيرة " يجمع شاعرنا بين الوطنية والاعتزاز بالجزيرة والفخر بها ، لأنها
موطن العروبة ومنطلق الدعوة ([3])
:
وما
العروبة والإسلام إن نظرت عيناك إلا سنا وجه لدينــــار
هما
الجناحان للمجد الذي انطلقت به
الجزيرةُ مثل الكوكب السـاري
دين
إلى الحق يدعو كلَّ ذي شطط ودعوة
الحق لا تعنو لجبــــار
رسالة
من هدى الرحمن بلَّغهــا "
محمد " وفدتها روح " عمّــار "
نحيا
عليها ونسمو ضاربين بهـا قوى الضلالات في عزم وإصرار
ونفتديها
بأرواح وأفئـــــدة خفاقة ذات إيمان
وإيثـــــار
فنحن
أبناء شعب ما يزال لــه ذكر تردده
الدنيا بإكبـــــار
وهذه الصورة
المتأججة بعاطفة الإيمان ، تهتف بأن الإسلام نظام متكامل وشامل ، يدعو إلى الحق ويرفض
الشطط ويقاوم عنت الجبابرة بالجهاد والفدائية ، ولو أن البشرية المعاصرة تعقلت هذا
الدين لما ارتضت سواه منهجا ، ولكن ضوضاء الدعاية والزيف للمذاهب الاجتماعية
والمادية والسياسية جعلت منها شيئاً ، لصرف الإنسانية عن منهل الحق والرشاد ، وذلك
يحفز المسلمين إلى عرض الدعوة بطريقة عصرية ، ليصل إلى الشعوب والأمم على حقيقته
.. ففي الإسلام كما يقول الشاعر كل ما يسعد البشرية :
أرسى
العدالة في الدنيا وأسَّسها بالحقِّ
والصدق لا بالسيف والنار
والعدل
في نظم الإسلام قاعدة قويّة تتحدى
كــــلَّ " تيَّار "
إن
المبادئَ والأهدافَ واضحة للمؤمنين
وليست هَذْر مِهْــذارِ
والله
لو عرف الإسلام معرفة نقية من
أضاليل وأوضــــار
لما
ارتضى غيره حكما لدولته من بات
يخبط في ظلماء معصار
إن الشاعر محمد بن
على السنوسي ـ مع تقديري لكل ما كُتِبَ عنه ـ لم يكشف النقاب عن خصائص ومميزات
شعره فلا يزال شعره بكرا ، يحتاج إلى دراسات متعددة توضح فكر الرجل ، ووضوح الرؤية
عنده ، وعمق ثقافته العربية والإسلامية واتجاهاته الاجتماعية والإنسانية ، مما
يرقى بشعره إلى شعر عمالقة الشعر في العصر الحديث .
ويروعنا في شعر
السنوسي ، تجلية الفكرة ، وتبلور الثقافة العربية والإسلامية في إطار حديث ..
والتمسك بالأصالة من حيث الشكل والمحتوى .. وذلك النهج جاء عن طريق القراءة
والمداومة على تعميق التجربة الشعرية ، مما أكسبه طول النفس ، وسلامة العبارة
وصحتها ، وغزارة العطاء وتنوعه .. ولهذا فإن الشاعر من القلة القليلة من شعراء
المملكة بل هو أول شاعر تُرجم شعره إلى لغة أوروبية([4])
.
وشعر السنوسي في
معظمه ، دعوة إلى القيم والمثل العليا ، كما نرى في قصيدته " خلق المسلم
" التي يدعو فيها إلى رشاد الفكر وسموه ، حتى يرتقي المجتمع الإسلامي بفضل
تمسكه بأخلاق أسلافه ([5])
:
لي وإن كنت كقطر
الكل صافٍ قصفهُ الرعدِ وإعصارُ
السوافي
أتحاشى الشر جهدي
فـــإذا لجَّ في عسفي تحداه اعتسافــي
خلق ورثنيه "
أحمـــــد " فجرى ملء دمائي وشغافــي
لم يزلزله على طول
المــدى بطشُ جَّبار ولا كيدُ ضعــاف
فسلوا التاريخَ
عنيَّ تجـــدوا أنني كنت مع
التاريخ وافــي
أنا جار الجار مِنْ
كـــل أذى وصديقُ الصدقِ في كل خلاف
وأخو الإنصاف لا
أرضى بـه بدلا في كل ودّ وتجــــافِ
وحليف الحق أختار
اللظــى مسلكاً فيه على خضر الضفاف
ويطول نفس الشاعر
في القصيدة متحدثا عن خلق المسلم ، فيقول :
مسلمٌ
لله وجهي ويـــدي ولساني وغُدَّوى
واعْتِكافـي
فإذا
عاهدتُ قدمتُ دمــي فديةً للعهد من
كل انحـراف
وإذا
حدثتُ أصغيتُ أخـي كل مستور ومنظور
وخـاف
وإذا
اكرمتُ جاوزتُ المدى وجرى السّيل
برساب وطاف
وإذا
حاربتُ كانت غايتـي نصرة الحق بصدق
وعفـاف
ولا شك أن تلك
الأخلاق والسمات استلهمها شاعرنا من أدب القرآن الكريم ، وأفعال سيد المرسلين محمد
ـ صلى الله عليه وسلم ـ مما يوضح لنا منابع ثقافته وتأثره ببيئة مهبط الوحي التي
تنقل في رحابها ، وتأثر بقيمها منذ نعومة أظفاره فأصبحت ديدنا ومنهجا ، ثم صاغها
لحنا يدعونا به إلى أخلاق خير أمة أخرجت للناس .
جاده إيمان قلبي
فنـــما واحتمى من كل جدب وجفــاف
قِيَمٌ عُلْيا
أضاءتللــورى سبلَ العلياءِ في الليل الغدافـــي
وسَجَايا قد
سقانيها الهـدى وغذانيها من
القرآن شافــــي
رفَّت الدنيا عليها
وازدهت وتَغنّت بمعانيها
القوافـــــي
وأنا المسلمُ من
يَعْرَفُنــي يعرف الجوهرَ في الإنسان صافي
وفي قصيدة "
رمضان " ([6])
يرحب الشاعر بالصوم ويهتف له ، لأنه يغمر العواطف بالإيمان ، فتسمو الأرواح وتحلق
في عالم الملائكة ، وترتفع عن المادية ، فرمضان احتفال وتذكير بنزول القرآن الذي
فيه بينات من الهدى والفرقان ، وشفاء لما في الصدور ، وحول هذه المعاني تحلق بنا
القصيدة ، وتقف متأملة في حكمة الصوم وما يتركه في النفوس من قوة الإرادة وصلابة
العزيمة ، التي يحتاج إليها المسلمون في عصرنا الحاضر وفي حياتهم اليومية :
رمضان
معذرة فإنَّـــا لا وراء ولا أمـــــام
نمنا
وأسرى المدلجــو ن وما عسى يجد
النيـام ؟
طال
الطريق بنا وضـل وهدَّ منكَبَنا
الزحــــامُ
سَخِرتْ
بنا الأهواءُ وانـ طلقتْ تقهقه في
عـرام
وتخاذلت
همم النفـــو س فلا انطلاق ولا
اقتحام
حال
يغص بها الكــرا م شجى ويبتهج
اللئــام
وفي صدر ديوان
" الينابيع " قصيدة تضاف إلى إسلاميات الشاعر بعنوان " الرسالة
والرسول " وقد ألقيت في المؤتمر الأول للأدباء السعوديين المنعقد في مكة
المكرمة سنة 1394 هـ بجامعة الملك عبد العزيز بحدائق الزاهر ، وقد استهلها الشاعر
بالإشادة بوطنه الذي تألق منه نور الحق والرشد ([7])
:
من
الجزيرة من أرضى ومن بلدي تالق النور نور الحق والرشــــد
ومن
رباها ، رباها الطاهرات ثرى تنفس الصبح من بدر ومن " أُحُــد
"
نور
تالَّق من نور فرق بــــه قلبالحياة وبض الصخر
بالبــرد
وفاض
عَبْرَ شعوبِ الأرضِ مندفعا يحيي
القلوبَ ويشفي ثغر كلَّ صدى
جرى
فأخصبت الدنيا ندى وهدى تمازجا
كامتزاج الروح بالجســد
"
محمدُ " خير خلق الله قاطبــة خُلقاً
وخلْقَا على السّراء والنَكَــد
نديم
جبريل يسقيه فماً لفــــم "
وَحْياً " يُرتِّله شاد إلى غـــرد
أحلى
من الشهد آيات مفضلــة تهدي إلى
البر في قوله ومُعْتَقَــدِ
تنزَّلتْ
بالهدى والنور في لغــة تلألأت
بمعانٍ فذَّة جــــــدد
تُبْلى
الدهورُ ولا تُبْلى نضارتُـها صفاء
لفظ ومعنى خالد أبــدي
وتسرد القصيدة ـ في
دقة من التصوير وبراعة في الأداء ـ أطوار الرسالة وتأثيرها في الخلفاء الراشدين ،
بعد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وتقف مع الأحداث في عهد عثمان ـ رضى الله تعالى
عنه ـ وما حيك من دسائس ابن سبأ اليهودي ، مما يبرهن على
خسة اليهود وكيدهم للإسلام ، ثم يقول الشاعر ـ وقد تأثر بمعركة رمضان 1393 هـ التي
دارت بين العرب وإسرائيل :
فليت قومي وقد هبَّتْ رياحهمـو لا يغفلون عن القنَّاصة الجُـــددِ
من
الجزيرة مهد العنصر العربي ومولد
النور والإيمان والكُتُـــب
توهَّجتْ
سُوَرُ القرآن وانطلقـتْ أضواؤها
في مدار الشمس والشُّهب
تبني
الحضارة في الآفاق سامقة بالعلم
والفن والأخـــلاق والأدب
وترفع
القيَم الشَّمَّاء عاليـــة أعلامها
من ذرى صنعا إلى حلـب
وتطلق العقلَ من أسر القيود إلى سرِّ الوجود بلا خوف ولا رَهَــبِ
والقصيدة طويلة
النَفَس ، تصل إلى مائة بيت ، كل بيت يرف عن معنى في تاريخ هذه الأمة .
وللشاعر سبحات مع
" آذان الفجر " حين يشق سكون الليل مؤذنا بانبلاج صبح جديد ، يحمل إلى
الدنيا الدعوة إلى الحياة بأنغام تقدس رب الحياة .. فآذان الفجر هو نداء السماء
للأرض ، من أجل الانطلاق إلى الخير والفَلاح والحق والهدى لينهل منه المسلم ، ويمسح
عن روحه غبار الملاهي ، ويعود إلى فطرة الله التي فطر الناس عليها .. وكل حرف في
الأذان له معنى يستثير كوامن النفس ويجدد الإيمان ، ويختتم شاعرنا هذه اللحظات
ويتجه في ضراعة المؤمن وخشوع القانت بالدعاء ([8])
:
رب إني ظلمتُ نفسي فغفرانك ربي إني مقر وذاعــــن
رب
إن الحياة زاغ بها السـير وجادت
فاشدد عراها وطامن
وأنر
بالضياء والطهر مسراها وزحزح عن
سيرها كل مائن
فلأنت
العظيم حقا وصدقــا عالم بالذي يكون وكائـــن
ويختتم القصيدة
بهذا البيت الرائع :
رب واجعل قلوبنا معزف الخير فلا نكتفي بعزف المـــآذن
وهكذا ينظم السنوسي
ما ينظم من شعره عن إيمان ووعي وتأمل ، فيبدع فيه لما لديه ـ مع ذلك ـ من مقدرة
على التصوير الفني ، وتجسيم المشاهد وإبراز المواقف ، وهذا المشهد من مشاهدالحج
يقرب الشاعر الصورة للقارئ ويدنيها منه حتى كأنه يرى ويسمع ذلك المشهدالعجيب
للحجيج ، أثناء سيرهم إلى عرفات ينسكبون من الذرى إلى الخيام ، يتحسسون ويتمثلون
موقفا أو مواقف للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في حجة الوداع حيث خطب خطبته الجامعة
، وأنزل الله عليه آية من القرآن الكريم ، هي عيد الإسلام والمسلمين : " اليوم
أكملت لكم دينكم ، وأتممت عليكم نعمتي ، ورضيت لكم الإسلام دينا " .
من كل
فج أقبلوا حُسَّـــرا شوقا إلى البيت العتيق الحرام
كالسيل
خاضوا وأفاضوا بـه وانسكبوا بين الذرى والخيـام
تستبق
الخطو إلى ساحـــة مشى " ابن عبد الله " فيها
وقام
حيث
اعتلى الهادي سرى ناقة يمد آنا ويشد
الحطـــــام
اليوم أكملت لكم دَيْنَكَــــم وتمَّت النعمة فيكم تمـــام
ذكرى
أطافتْ بنفوس الـورى فاذَّكر
الناس وهبَّ النيـــام
وفي موسم الحج أيضا
تتجلى سماحة الإسلام ، ويتفرد بسموه الأخلاقي والحضاري ، وأنه دعوة الحق وحَّدَ
بين الناس وساوى بين كل الأجناس ، وجمعهم على لغة واحدة يهتفون بها ، في تلاوة
القرآن الكريم والدعاء في مناسك الحج ، على الرغم من اختلاف لغاتهم ، مما يثير قلق
أعداء الإسلام من تكرار هذا الحدث كل عام :
ومن
هدى الجزيرة وهي مهدٌ لنور
" محمد " في العالمينا
تطلعت
الشعوبُ إلى شعـاع محا ظلماتها
والظالمينـا
وكان
لها منارا في خِضَــمٍ وكان حيا أغاث الظامئينا
والشاعر محمد بن
على السنوسي ، لا يعيش في خيال مجنح يعتمد على التصوير والبيان ، وينسى الحقيقة
وواقع المسلمين ولكنه يربط بين المواقف التاريخية للإسلام وبين الواقع الاجتماعي
المعاصر للمسلمين ، ففي استلهامه لحادث الهجرة يقول :
يا
" ثاني اثنين " لو أبصرتَ حاضرنا والمسلمين
حيارى أينمــا داروا
في
" رِدَّة " لا " أبا بكر " يصاولهــا ولا يقاومها " عمرو " و "
عمَّار "
في " رده " من ثياب العصر لابسـة تحرر قيل عنها وهي آصـــار
تفرَّقَ الجمع
وانحلت شكيمتهـــم وانهار إيمانهم بالله فانهــاروا
تُقَلِّد الغربَ إلحادا وزندقـــــة ومن " تحلله " نجني
ونشتــار
ولا نقلده علمــــــا " وتقنية " ولا انطلاقا له نفع وأثمـــار
يا ثاني اثنين في
ذكراك موعظــة وفي جهادك للسارين أنــوار
وبعد فهذه نفحات من
الشعر الإسلامي في أعمال محمد بن على
السنوسي ، عزفها الشاعر عن إيمان قوي بدينه وأمته نقدمها كنماذج حتى لا نهضم حق
الشاعر الذي أبدع وأجاد في هذا المجال ، فتدفق شعره مع طبيعته وفطرته بالعطاء
والخير ليروي غرس الحق والفضيلة والجمال .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق