الشعر في الجنوب
من خلال دراستي للأدب السعودي لفت نظري
نهضته وازدهاره واحتلاله مكانة محمودة في أدب الأمة العربية المعاصرة ، وقد لا
نختلف إذا نسبنا الفضل لأهله في أسباب تلك النهضة إلى الجيل الأول من الأدباء ، الذين
نقلوه من طور إلى طور . في سنوات قليلة من القرن العشرين ..
هؤلاء الذين أحبوا القراءة والاطلاع
والثقافة والإبداع ، والتمكن من لغتهم والغوص في أدب التراث والأخذ من كل جديد حتى
استوى أدبهم قوياً يترجم عن أحاسيسهم ترجمة صادقة ، ويعبر عن هذه الأمة ، ويحكى
واقعها ويرسم مستقبلها .. مما يحتاج إلى دراسات أعمق وأشمل .
والأدب في جنوب المملكة وهو جزء من الأدب
السعودي ، يعطي صورة توضح الواقع وتبرهن على قوته وأصالته
وصدقه وجودته في العطاء لبيئته بعيداً عن الزيف والتكلف حتى يواكب ويشارك في مسيرة
الحضارة والتقدم . وربما يرجع ذلك إلى طبيعة الجنوب .. وميزته الخاصة التي فرضت
نفسها على الأدب والأدباء ، فعبروا عن أحساسهم وشعورهم من غير مواربة ، ومن غير
اجحاف أو مبالغة ، فظهرت صورة الجنوب بأوديته وروابيه ، وسهوله وجباله ، كما
أحسنوا تصوير أنفسهم ومجتمعهم بكل خصائصه .
وتاريخ الجنوب الأدبي حافل بالأدباء
والشعراء الذين لا يحتاجون إلى تعريف ، كما أن شعراءه وأدباءه المعاصرين في طليعة
الكوكبة التي أسهمت في نهضة الأدب السعودي ، ولازالت تعطي وتعطي بلا حدود .
وإذا كان هذا البحث يتجه إلى تصوير الشعر
للجنوب في صورة تنم عن واقع البيئة وترصد حركة المجتمع والحياة صورة هي مرآة للحب
والوفاء ، وجمال الطبيعة ، كما أننا سنرى في هذا الشعر السمو بالمجتمع والارتقاء
به نحو الحق والخير والفضيلة والجمال ، وليس ذلك دور شعر الجنوب بل هو ـ كما سبق ـ
يرتكز على شيئين : العروبة والإسلام ، ويعجبني ما قاله : محمد حسن عواد ، في
محاضرة له في النادي الأدبي يجازان ، عن مفهوم الأدب بأنه " عطاء وإنتاج ،
وإرسال وتأثير ، وخلق وإبداع ، إنه بالاختصار ، عملية تصوير وتغيير ، وتوعية وهدم
وبناء ، وتجديد وتطوير وإثراء ، لا عملية احتواء وامتصاص للمعلومات " ..
وهناك نماذج من شعر الجنوب ، ولبعض شعرائه ، هذه النماذج وتلك الصور عن البيئة المحلية فقط ، فالجنوب يمتاز بالخصوبة
في التربة ، وتجود فيه الأرض بعدة محاصيل في العام الواحد ، ويشهد خبراء الزراعة
بأنه سلة الخبز ، لكثرة الأودية ، واتساع المساحات المسطحة ، وانتشار المياه
المعدنية والينابيع ، وغير ذلك مما أشار إليه صاحب المعجم الجغرافي ومؤرخ الجنوب
محمد بن أحمد العقيلي .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق